Friday, 13 September 2019

عن مسرحية "سوبيبور"

مسرحية "سوبيبور" التي عرضتها فرقة طلبة بجامعة عين شمس بمصر لا تدعو للتطبيع مع دولة إسرائيل ولا ترفع لواء الصهيونية كما ادعى البعض، وليس مطلوبا منها ولا مفروضا عليها أن تعلن موقفا من كل القضايا المتعلقة بفلسطين في ساعة ونصف كنوع من "إبراء الذمة". وهي ليست عن فيلم الهروب من سوبيبور، وهو فيلم جيد في المجمل في توثيق محاولة السجناء التأقلم أو الهرب أوالانتفاضة (أفضل مقارنة بفيلم سوبيبور الروسي العام الماضي)  ولا يقدم مثلا مشاهد القتل الجماعي في أفران الغاز بطريقة مباشرة كما فعلت أفلام أخرى، وهو قطعا لا يكرس لفكرة "شعب الله المختار" كما يدعي البعض من منتقدي المسرحية زاعمين انها منقولة عن الفيلم!.



رسم الشخصيات المسلمة بالمسرحية ليس مجحفا ولا يصورها بسخرية ولا بأقل من غيرهم من المحتجزين كما قال البعض (ملاحظة: قد تكون معلومة غير دقيقة وجود المسلمين في نفس المحتشد تحديدا الذي دمر تماما في 1943 ) ولكن معروف انه طوال فترة مجازر اضطهاد اليهود والغجر والمثليين وتحديدا فترة الهولوكوست بعد العام 40 (وليس "حادث" الهولوكوست كما وصفته صفحة رصد الإخوانية) هناك الكثير (مسلمين وغير مسلمين) ممن ساعدوا اليهود المضطهدين وغيرهم من ضحايا النازي بغض النظر عن الدين أو العرق أو الهوية الجنسية الخ.
المسرحية فنيا برأيي المتواضع متوسطة، حوارها مقبول وتنفيذها فيه اجتهاد لكن غير جذاب بما يكفي (ربما بسبب الامكانيات والتدريب، هي مسرح جامعي في النهاية ، بالمناسبة ليس صحيحا انه أغدق عليها بأموال للديكور كما قال البعض لغرض ما، الديكور الجيد ليس مكلفا بالضرورة) لكن بها فكرة جريئة، والممثلون بدوا متحمسين كل يلقي جملته بقدر من الحماس الزائد. الحوار يعرض لنفوس تحت وطأة التعذيب، ومن أفكارهم التي يصرخ بها أحدهم مثلا "نحن شعب الله المختار" . هذا جزء من معتقداته الدينية، كما كثير من الديانات التي لديها أفكار "وأوهام"مشابهة، وبعض التعالي على شعوب/ وأتباع ديانات أخرى. غالبا ما يصدم رجل الدين أو المتدين بحقيقة وضعه فتهتز هذه الصورة. في أفلام مثل  God on Trial و "يعقوب الكذاب" في نسخته الأصلية  Jakob, der Lügner  يكشف الحوار ما يحدث تحت وطأة التعذيب وخلال الأزمة و بمواجهة الموت الوشيك: مراجعة الأفكار والمسلمات وتطور الشخصيات وأفكارها و استعراض اختلافاتها (بحكم انها إما في عنبر مغلق يقادون للموت في الصباح كما في فيلم محاكمة الله أو في جيتو يجري تفريغه قريبا كما في فيلم يعقوب). مثلا، في فيلم "في الظلام" البولندي يقبع هاربون من الموت في شبكة الصرف الصحي ويصطدمون بأفكارهم  المسبقة حول أنفسهم وهويتهم وحتى لغتهم (المفضلة) ويراجعون بعض هذه الخيارات. أجواء كهذه تعطي مساحة للابداع وبعض العمق. الحوار في هذه المسرحية مكثف (كان بالفصحى) واستطاع ان يطعم ببعض الافيهيات الضاحكة من وقت لآخر. مسألة الكوميديا في تناول موضوع مأساوي مثل المجازر الجماعية والإبادة، لست من أنصاره، لكن تناولَه بطريقة جيدة وثائقي هو "الضحكة الأخيرة"، وهذه المسرحية كان يمكن أن تكون ضمن مواد بحث هذا الفيلم التسجيلي لو صادفت تنفيذه (انتاج 2016) أو أي رصد شبيه لاحقا. المتخصصون يمكنهم أن يقولوا رأيهم في العمل فنيا.
أصدر فريق العمل المسرحي بيانا لاحقا يوضح موقفه من مسألة التطبيع ومن رفض الانتهاكات التي ترتكبها اسرائيل واختراقاتها للقانون الدولي. البيان مفصل. ما يعنيني انه يمكن ببساطة أن تندد بالهولوكوست وتندد أيضا بأفعال دولة إسرائيل الآن. ليست معضلة ان تتعاطف مع ضحايا وتعارض (وبشدة) أفعال "بعض" أحفادهم أو بني جلدتهم مثلا. معظم ضايا الهولوكوست ماتوا بالفعل، أفعال بعض الناجين منه لا تعني إهالة مزيد من التراب على الموتى.
أخيرا، أن يعلم ويتعلم الناس عن مجازر وحروب عالمية بطرق منها الفن ليس شيئا مدمرا ولا مرعبا، المعرفة لا تضر بل تبني العقول والنفوس. ولم يكن هناك داع لكل هذا الكذب والهجوم على مسرحية تقدم شيئا جديدا مغايرا للمعتاد من مواضيع، وتحميلها أوزار واتهامات. الرغبة في الصراخ حق مشروع للجميع، ويمكن ان تهتف أو تصرخ وتدافع عن قضيتك وتهاجم غيرك أيضا، لكن لا تكذب ولا تفبرك ولا تحرض على الشباب لمجرد ان محاولتهم الفنية هذه لم تعجبك أو انك أغرقت في تأويل ما بها مرتديا ثوب العالم والمؤرخ والناقد والسياسي والحنجوري معا.

Saturday, 9 February 2019

Remember (2015) عن فيلم "تذكر" - انتاج 2015 - بين الجلادين والناجين من المحرقة

عن فيلم "تذكر"- انتاج 2015 - بين الجلادين والناجين من المحرقة.
ده فيلم حلو قوي، وحزايني كده ف قصته وتمثيله وذكرياته والموسيقى بتاعته ونهايته...فيه شوية تشويق برضه : زيف جوتمان، يهودي بتاع حاجة وتمانين سنة، في دار مسنين ف امريكا، وبعد وفاة زوجته بيقرر يهرب ويدور على اللي عذبوه في سجون النازية وقتلوا أصحابه وأهله، وتحديدا نازي اسمه اوتو فاليش، في حد بيساعده ويخطط له، مسن تاني في نفس الدار.
 البطل عنده الزهايمر فبينسى حاجات كتير، والحاخام ده بيفكره من وقت للتاني. بيسافر من ولاية للتانية ويروح كندا كمان من غير باسبور ساري، والحظ بيساعده، وكل ما يقابل شخص باسم السجان يطلع واحد تاني خالص غير اللي عاوزه، بيقابل عنصريين ويقابل ناس طيبة، لحد ما يوصل للسجان المطلوب، ويدور بينهم حوار فيه كشف لأسرار كل منهما، وتاريخهما الشخصي، المشهد كان بحضور حذر من بعض أفراد عائلتي الشخصين، ييجي يقتله ويتذكر في النهاية انه هو نفسه كان أحد جلادي معسكرات الاحتجاز، واللي قتلوا أبرياء كتير منهم عائلة الحاخام المسن اللي كان بيوجهه طول الفيلم.
 
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=10154084203811851&set=a.386752766850&type=3&theater
 في أفلام تانية اتناولت سجاني معسكرات الاحتجاز والنازيين اللي هربوا، واتخفوا تحت أسماء مستعارة خصوصا في  الولايات المتحدة ومنها
 This Must Be the Place - 2011
 بطولة شون بين وأداؤه فيها يستحق التوقف أمامه، فالشخصية مختلفة تماما من حيث المظهر والأداء والصوت، وإن كان الفيلم فنيا ليس الأفضل لكن القصة أيضا طريفة. 

: وعن الهاربين من النازيين في أمريكا اللاتينية في أفلام كتيرة، منها
 The Boys from Brazil (1978)
 Operation Finale (2018)

Friday, 8 February 2019

Train de vie (1998) قطر الحياه

من الأفلام القليلة اللي استخدمت فيها الكوميديا لتناول موضوع مآساوي زي الهولوكوست فيلم "قطار الحياة" انتاج 1998. 

قرية في مكان ما بأوربا سنة 1941 بيعرفوا أخبار الترحيلات القسرية لليهود لمعسكرات الإبادة الجماعية، فيقرروا همه بقى يرحلوا نفسهم بنفسهم ويهربوا
فلما النازيين ييجوا يفتكروا ان خلاص القرية اتصفت ويروحوا لحالهم. السكان بيبنوا قطر بخاري شاريينه كُهنة، وينظموا يوم الترحيل بكل تفاصيله: القوايم، الراوند اب، مكان التجميع قبل الصعود للقطار (الاومشلاجبلاتس)، و بالقسوة والسرعة المطلوبة. ويوزعوا أدوار السجانة والجلادين: مين عاوز يبقى نازي (بيختاروا بالقرعة ف الآخر لان الناس مش عاوزة تبقى نازيين ولو بالتمثيل) مين اس اس (شوتزشتافل: جزء من منظومة هتلر الأمنية القمعية)، و بالرتب بقى. 
جزء من المرحلين يبقوا شيوعيين، ومين منظر الحركة، ومين هاينقسم/ ينشق، وجزء قوميين وهلم جره ... وتحصل مفارقات في الفيلم التحفة ده. 

المهم . رباط الحجي : احنا ممكن كمصريين (غلابة يا ولداه) نرحل نفسنا كلنا في سجن كبير عليه القيمة، ونسيبها لهم يحكموها .. ده اللي بيقول كلمة بيتحبس، و البنت اللي بتصور في الشارع بتتحبس، واللي بتفك بشتيمة ف فيديو ع الفيسبوك م اللي بيجرى لها بتتحبس، واللي بيناقش اقتصاد بيتحبس (اللي هو هاتعمل نفسك فلوطة علينا.. هاتفهم أكتر من القائد المهلم؟) واللي بيعارض ف السياسة بيتحبس واللي بيدعو لمقاطعة الانتخابات من بابه بيتحبس ... ده هاياخد وقت كبير لحد ما يخلصوا علينا. واحنا مش هانسكت يعني. فالحل المريح للطرفين ان احنا نبني سجن كبير كده على قدنا ونرحل. نسيبها لهم مخضرة. شوفوا بقى هايحبسوا ويعذبوا ويقضوا على مين. ويورونا ها يبقوا يكشفوا مؤمرات وخطط وخزعبلات ويلزقوها ف مين. من ناحيتنا نبقى نعمل بيينا ضباط ومباحث وعسس وأشباه مثقفين وأنصاف ثوريين ومتلونيين ومتخاذلين وقت العزم. وننقسم ونخون بعض جوه برضه والصراع ينضج والتصفية تاخد مسارها بطريقة اكتر سلمية. بيدي لا بيد أعدائي!

عن مسرحية "سوبيبور"

مسرحية "سوبيبور" التي عرضتها فرقة طلبة بجامعة عين شمس بمصر لا تدعو للتطبيع مع دولة إسرائيل ولا ترفع لواء الصهيونية كما ادعى البعض...